وداعاً للمشتركة - بقلم جريس الياس جريس- فسوطة

وداعاً للمشتركة 
مثلما توقعت في اربع منشورات على صفحتي عشية كل واحدة من الجولات الانتخابية الاربع الاخيرة لم يبقَ من المشتركة سوى الاسم بعد انسحاب "الموحدة" سابقا ثم انسحاب، او الغدر ب "التجمع"بعد مماحكات مخزية،حول تقاسم المقاعد بل التناوب على المقعد السادس،حتى اللحظة الاخيرة من تقديم لوائح المرشحين. وكنا قد كتبنا في مقال نشره موقع جبلنا في اعقاب الجولة السابقة ما يلي: "بالطبع لم تكتمل مشاهد المسرحية بعد، وسئمت متابعة مشاهدها السخيفة، لكنه من المتوقع ان تصل التطورات الى جولة انتخابية خامسة  لا يستبعد ان تختفي فيها القائمة  المشتركة  عن الخارطة اذا بقيت على هذا المستوى من الفكر والاداء". 
وهذا ما حصل فعلا كنتيجة للطفولة والجهل والغباء والرعونة السياسية لرئيس واقطاب المشتركة الذين قادتهم رعونتهم واحقادهم على الموحدة الى التهافت وراء غباء وتبجحات ومزايدات النائبة غيداء زعبي عن حزب ميرتس مما ادى الى اسقاط حكومة أهون الشرين، اي حكومة بينيت،ومنع التناوب الوشيك لصالح لبيد رئيس حزب "يش عتيد " الأقل شراسة وعنصرية من رئيسي الحكومة السابقين -بينيت ونتانياهو-  وبالتالي تاجيل، وربما الغاء، تنفيذ الاتفاقات التي توصلت اليها الموحدة لصالح المواطنين العرب.  
   ساهمت هذه السياسة الرعناء بالدفع الى انتخابات عامة جديدة في مطلع نوفمبر٢٠٢٢ هي الخامسة خلال ثلاث سنوات ونصف. ومن مهازل القدر ان تتصدرّ المشتركة قائمة ضحايا هذه الرعونة فارتدت سهامها الي نحورها حيث تعرضت لانشقاق جديد بانسحاب حزب التجمع منها، وخوض الانتخابات بقائمة مستقلة على خلفية سبب واحد ووحيد هو صراع الكراسي المخزي، بل صراع التقاسم والتناوب على الكراسي الخلفية غير المضمونة. وتشير الاستطلاعات الاولية، بعد تقديم القوائم الانتخابية،الى ان التجمع سيختفي عن الخارطة،غير مأسوف عليه، فيما تصارع بقايا المشتركة سكرات الموت على حافة اجتياز نسبة الحسم( اربعة مقاعد) غير مأسوف عليها هي الاخرى، بينما هبطت نسبة المشاركة المتوقعة بين العرب الى ما دون الاربعين بالمائة بسبب الاداء المخزي لهذه القوائم وتركيزها على الخطاب الشعبوي بدل الالتفات لقضايا ومشاكل الناس الذين انتخبوهم لتمثيلهم. ولا يتسع المجال هنا لسرد كل اسباب هذا التدهور والتلاشي ، ولا التعمق او التوسع فيها. لكننا سنحاول استعراض بعض هذه الاسباب بايجاز وهي :
اولا- غياب القاسم المشترك والبرنامج الواقعي والعقلاني لمكونات المشتركة التي تتوزع ايديولوجياتها ما بين الماركسية والقومية والدينية التي ليست باكثر من اثواب ترتديها كل منها لضرورات التميّز عن بعضها البعض، وضرورات التحاصص والتقاسم. 
ثانيا- رفع الشعارات الطنانة الرنانة التي، بالرغم من عدالتها، يعجز عنها المجتمع الدولي باسره، بما في ذلك الامم المتحدة وبقية الهيئات الدولية بمن فيهم دول العالم الاسلامي والعربي. كما ان هذه المهام ليست من اختصاصهم ولا ضمن قدراتهم، علاوة على ان الكنيست ليس ساحة الوغى لتحقيقها. 
ثالثا-الطفولة والصبيانية بل الجهل والعمى السياسي، مضافا اليها المناكفات والمماحكات الفارغة بل الغدر من جانب بقايا المشتركة، وخاصة رئيسها ايمن عودة الذي من ابرز تناقضاته واضطراباته ما يلي:
١-لطالما تباكى على المشتركة لكنه تآمر عليها بشكل سافر ومعيب الى درجة الغدر بالموحدة والمماطلة حتى الدقائق الاخيرة من تقديم لوائح المرشحين دون ابلاغها بفشل المفاوضات معها لتتدبر امرها في تقديم لائحتها. وهو تصرف لا يليق حتى بعصابات المافيا. 
٢- لطالما صدّع ايمن عودة رؤوسنا بالمفاخرة في المساهمة في اسقاط حكومة نتانياهو. لكنه عندما نجح نتانياهو بتشكيل حكومته الاخيرة لجأ عودة الى الجعجعة الفارغة والتفاخر المشين والمقيت بمنع نتانياهو من تشكيل "حكومة متجانسة " !!!! على حد تعبيره وكانه المنتصر او صاحب الامر والنهي في انضمام هذا الحزب او ذاك للحكومة. 
٣-قاده العمى السياسي وغريزة التسلط وصراع الكراسي المتأصّل، منذ عهد الخلافة الاولى وحتى عهد صدام والاسد، الى التصاغر وتبني نهج وعقلية المخاتير فقفز في الفرصة الاولى الى سفينة نتانياهو،بعد ان اشبعنا تفاخرا بالتصدي له والمشاركة باسقاطه،دون ان يخجل في تبادل  التهاني معه لدى اي تصويت ضد الحكومة. 
٤-بلغ تخبط المشتركة اوجه بالتلكؤ والتهرب من محاولة تقديم طوق النجاة لحكومة بينيت- لبيد مما ساهم في اسقاطها،وهي تعلم علم اليقين عدم توفر اي بديل اخر في الافق،وانها بهذه العبثية والمماحكة الصبيانية تمنح نتانياهو فرصة العمر للعودة الى رئاسة الحكومة.  وبلغت المهزلة ذروتها عندما استفاق ايمن عودة صبيحة تقديم القوائم ليعلن ان هناك مجال للتعاون مع لبيد متناسيا ان لبيد كان على وشك التناوب على رئاسة الحكومة دون الحاجة لانتخابات جديدة واعطاء نتانياهو فرصة العمر ومعه بن غفير الذي تشير  الاستطلاعات الى احتمال حصوله على ١٣ مقعدا. وكلنا امل في ان لا يعود نتانياهو  هذه المرة بفضل صبية المشتركة ورعونتهم وجهلهم واحقادهم ومناكفاتهم الرخيصة. 
   ولا نستطيع انهاء كلمتنا هنا الا بالتذكير بما كتبناه في منشورنا الاول تحت عنوان" لا تصوتوا للمشتركة " والتأكيد مرة اخرى على ان العرب في اسرائيل بحاجة لقيادات جديدة وفكر بديل وأداء مختلف.